فإنَّ وراء نشأة النحو العربيّ قبل زهاء خمسة عشر قرنا هجريًّا عواملَ عِدَّةً ، لعلَّ من اهمِّها وأخطرها انتشار أمر اللحْنِ ، وهو الزَّلَل في اللغة ، سواء في نطق بعض أصواتها ، أو الخطأ في الجانب الصرفيّ ، أو الترکيبيّ ، أو الدِّلاليّ منها ، وقد ظهرت هذه الأخطاء مجتمعة أحيانا ومتفرِّقا بعضها عن بعض أحيانا أخرى ، وسُمِّيَ هذا کلُّهُ لَحْنًا. وقد بدَتْ أمَارات اللحن في البيئة العربية فيما ترويه بعض الروايات عن شخوص من العرب ؛ إذ يُروَى مثلا عن ابنة أبي الأسود الدؤليّ أنها قالت لأبيها : يا أبت ما أحسنُ السماءِ فقال : أيْ بُنَيَّةُ ، نجومُها ، فقالتْ : إنِّي لم أُرِدْ : أيُّ شيءٍ مِنْها أحْسَن ؟ إنما تعجبْتُ مِن حُسْنِها ، فقال إذًا قولي : ما أحْسَنَ السماءَ !